تخيلّ معي المشهد التالي: بينما تجلس لمتابعة إحدى المسلسلات تظهر في مشهدٍ مأدبةٌ عامرةٌ بأشهى المأكولات، لكن ما يلفت انتباهك هو طبقك المفضّل بينما يتهافت الممثلون على تناوله، يسيل لعابك ثم تتذكّر أنك قد تناولت هذا الطبق البارحة وقد بقي بعض منه في البراد، تقف مستهمّاً وتتوجه نحو المطبخ ليرن الهاتف فتجيب لكنك لا تتعرف على صوت المتحدث؛ إذ أنه يشبه صوت جارتكم أم سعيد لكنه يشبه صوت خالتك إيمان أيضاً، تنهي المكالمة فتنادي أمك عليك أن تحضر لها المقص، فتتذكر حين كنت تستخدمه آخر مرة في قصّ قطعة ورق مقوى لتضعها أسفل رجل الطاولة المتخلخلة في غرفتك ثم أنك قد وضعته أعلى الطاولة، تذهب لإحضاره وتنفّذ المهمة بنجاح، لتجد نفسك بعدها واقفاً في المطبخ غير قادرٍ على تذكر ما أردت فعله أول الأمر! تناولت هذه القصة البسيطة أنواعاً مختلفة من حوادث النسيان والتذكر، إن كنت قد مررت بحادثة تشابهها من قبل فلا تقلق لست الوحيد. سنتحرى في مقالنا اليوم عن سبب اختفاء المعلومات وعودة ظهورها المفاجئ وسنزودك في النهاية ببعض النصائح التي ستساعدك في إحكام قبضتك على ذكرياتك. لم وكيف ننسى؟ قبل أن نتعرّف على بعض النظريات وراء نسياننا مختلف الأمور بدءاً باسم مغنٍ ما وحتى غياب اسم صديقك المفضل تماماً عن بالك، لنرى أولاً كيف تتشكّل الذكريات. كيف تتشكّل الذكريات؟ يرتبط تشكّل الذكريات بالحُصين في الدماغ ويُعتقد أنه المسؤول الأساسي عن نقل المعلومات من الذاكرة قصيرة الأمد وتحويلها إلى معلوماتٍ دائمة في الذاكرة طويلة الأمد